محمد العريان: اقتصاد أوروبا يتجه لمعاناة أكبر في 2019
- mushrat8520
- Feb 17, 2021
- 4 min read

تتوقع المفوضية الأوروبية وصندوق النقد الدولي ومنظمة التنمية والتعاون الاقتصادي أن ينمو اقتصاد الاتحاد الأوروبي في المتوسط بنسبة 1.9% في العام المقبل، وهو معدل يتوافق بشكل كبير مع متوسط النمو المتوقع هذا العام والبالغ 2%.
لكن هذه الصورة تبدو متفائلة بشكل مبالغ فيه، حسبما يرى الاقتصادي محمد العريان في رؤية تحليلية نشرها موقع "بروجيكيت سينديكيت".
وهذا التفاؤل ليس مبالغاً فقط لأن معدل النمو نفسه من المحتمل أن يكون مخيباً للآمال ولكن أيضاً بسبب وجود ضغط كبير في الاتجاه الهابط على النمو الاقتصادي المحتمل لدول الاتحاد الأوروبي في عام 2019 وهو الضغط الذي يبدو أن القادة الأوروبيين غير مستعدين لمواجهته بفاعليه في الوقت الحالي.
وإذا كان الاتحاد الأوروبي فريق كرة قدم، فإنه لن يخسر المباريات بسبب عدم وجود خطة أو الافتقار إلى القدرات.
ويظل اقتصاد الاتحاد الأوروبي والذي تبلغ قيمته 19 تريليون دولار تقريباً، ثاني أكبر اقتصاد بالعالم وهو ما يمثل تقريباً خمس الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
وتكمن المشكلة في أن الفريق ككل لا يلعب بشكل متناغم وجميع اللاعبين الكبار يحاولون بشكل فردي بسبب المشاكل الفوضوية في الداخل.
وخلال العام الماضي، تم اتخاذ خطوات صغيرة مثل تقوية شبكة الأمان المالي الجماعي من أجل تعزيز قدرة الاتحاد الأوروبي الكاملة للتعامل مع العقبات المحتملة.
لكن الهيكل العام للاقتصاد لا يزال غير مكتملاً، كما أن المشاكل التي تبدو واضحة بشكل خاص في منطقة اليورو، والتي تواجه تحدي التقدم البطيء في الاتحاد المصرفي، وعدم التنسيق الكافي بين السياسات المالية، والانقسامات السياسية.
كما أن عوامل الضعف سوف تزداد في الفترة المقبلة، فبداية حصدت الأحزاب والقادة السياسية الشعبوية سلطة وتأثير متزايد بعد أن استفادوا من مخاوف واسعة النطاق بشأن الهوية والهجرة إلى جانب حالة الإحباط من التيارات القائمة، ما دفعها لكسب الدعم وحتى السلطة في العديد من الدول.
لكن الانتقال من الحملات الانتخابية إلى دائرة صنع القرار سواء داخل البرلمان أو كما هو الحال في إيطاليا داخل الائتلاف الحاكم أثبت أن الأمر يمثل صعوبة بالنسبة للعديد من الأحزاب الشعبوية نظراً لافتقارهم إلى برامج سياسية شاملة.
وجنباً إلى جنب مع انتخابات البرلمان الأوروبي والمزمع عقدها في العام المقبل، فإن هذه الطبقة الجديدة من عدم اليقين تصعب التنسيق وصنع القرار في نطاق المنطقة في وقت ينشغل فيه العديد من صانعي السياسة بالفعل بمسألة البريكسيت التي لم يتم حلها بعد.
ونتيجة لذلك، سيكون لديهم قدرة أقل على إزالة العقبات أمام نمو الإنتاجية وبناء اقتصاد أكثر مرونة وقادراً على الاستجابة للتقدم التكنولوجي السريع والتغيرات في البيئة الاقتصادية العالمية.
كما أن تراجع الدعم الخاص بالسيولة النقدية لا يقدم المساعدة أيضاً، فبعد أن أبطأ المركزي الأوروبي بالفعل وتيرة شراء الأصول، من المتوقع أن يلغي برنامج التحفيز الشامل في نهاية هذا العام.
وأشار رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراجي إلى أنه من المرجح أن يتم رفع معدل الفائدة بحلول نهاية ولايته في أكتوبر 2019.
لكن في حين أن تلك العوامل تهدد بتفاقم التفكك الذي يواجه الاقتصاد الأوروبي، فإن فريق كرة قدم مفكك يمكنه الفوز لو استطاع لاعبيه الكبار تحقيق أداءً قوياً بما فيه الكفاية.
ولسوء الحظ، فإن القضايا المحلية التي تتحدى الحلول البسيطة وتقيّد صنع السياسة على الصعيد الوطني والأوروبي كما تُشكل صداعاً للعديد من اقتصادات الاتحاد الأوروبي الكبرى مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبولندا وإسبانيا والمملكة المتحدة.
وتعرضت فرنسا لصدمة جراء احتجاجات "السترات الصفراء" ضد أجندة إصلاحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وتواجه ألمانيا تحولاً سياسياً شديداً مع استعداد المستشارة أنجيلا ميركل للتقاعد بنهاية دورتها الحالية.
كما أن الحكومة الشعبوية في إيطاليا على خلاف مع المفوضية الأوروبية بشأن مقترح موازنة 2019 والتي ترتكز كذلك على التفاؤل بشأن نمو الناتج المحلي الإجمالي لروما. (يذكر أنه تم التوصل لاحقاً لحل بين الجانبين يخفض العجز إلى 2.04% من الناتج المحلي الإجمالي)
وبالنسبة إلى بولندا، فإن حكومتها تبنت ما يسمى بالديموقراطية غير الليبرالية كما تنتهج سياسات يراها الكثيرون لا تتماشى مع قيم الاتحاد الأوروبي ورؤيته.
أما حكومة إسبانيا، فمن جانبها لا تزال ضعيفة، وفي المملكة المتحدة فإن الانقسامات داخل حزب المحافظين الحاكم تعيق تحقيق التقدم بشأن تنفيذ اتفاق منظم للبريكست، ما يحول دون تنفيذ مبادرات سياسية داعمة للنمو والإنتاجية.
ومع صعوبة حل هذه التحديات قريباً، يبدو أن القوى الرئيسية المحركة للنمو الاقتصادي في أوروبا تستعد لفقدان القوة خلال عام 2019.
وفي الوقت نفسه، فإن الجهود السياسية لتعزيز النمو الاقتصادي المحتمل للاتحاد الأوروبي على المدى الطويل من المحتمل أن تظل الاستثناء بدلاً من أن يكون القاعدة.
كل هذا سوف يحدث في بيئة إضافية أقل دعماً سواء اقتصادياً أو مالياً.
وبالفعل، فإن محرك الصادرات الأوروبية ليس قوياً بما يكفي لتعويض ضعف العوامل المحلية الدافعة للنمو.
ومع ذلك، فإن الصادرات تستعد لمزيد من المعاناة كون التباطؤ الاقتصادي للصين يقوض الطلب الخارجي.
وفي غضون ذلك، من المرجح أن تستمر تقلبات الأسواق المالية وسط تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي وضعف التكنولوجيا إضافة إلى عملية عكس التوسعات النقدية المضطربة والتي تضمنت ضخ السيولة بشكل كبير وقابلة للتنبؤ من قبل البنوك المركزية.
لذا فإن فريق الاتحاد الأوروبي يستعد لمواجهة تحديات جادة في اللعب المحلي والمنافسة الدولية.
لكن الأخبار ليست جميعها سيئة، حيث أن الاتحاد الأوروبي من الناحية الفنية لديه خطة اللعب والقوة المطلوبة للأداء.
ولقد تعافى الاقتصاد من أسوأ أزمة مالية عالمية، كما تم القيام بالكثير من العمل لتحديد الخطوات السياسية المطلوبة لتحقيق نمو قوي وشامل يحد من الضعف المالي ويوقف تآكل أساس الرخاء على المدى الطويل.
ولدى الاتحاد الأوروبي قدرات داخلية كبيرة غير مستغلة أو غير مستعملة، ويعني تحريرها في سياق استراتيجية منسقة يمكن أن يحسن الأداء الاقتصادي للاتحاد الأوروبي وآفاقه بشكل كبير.
ومن المفترض أن يتطلب النجاح وجود قادة سياسيين قادرين على إلهام الجمهور ومستعدين لتنفيذ مبادرات سياسة تدعم النمو.
وكلما طالت الفترة الزمنية لانتظار ظهور هؤلاء القادة، كلما كان من الأمر أكثر صعوبة على الاتحاد الأوروبي لتجنب معركة الهبوط.






































Comments